16 يونيو 2025 20:30
الإخبارية الخليجية

“إسراء صقر” امرأة بثلاثة وجوه إبداعية وتثبت تألقها في جميع المجالات.

في حياة كل مبدع لحظات فاصلة، تنقله من مرحلة إلى أخرى، وتعيد تشكيل مساره، ليكتشف ذاته من جديد في عالم آخر لم يكن يتوقعه. هذه هي حكاية إسراء صقر، تلك الفتاة التي بدأت رحلتها بين الألوان والخطوط، تصمم المساحات وتنظم التفاصيل، قبل أن تجد شغفها في مذاق الطعام البيتي الدافئ، لتصبح اليوم شيفًا محترفًا وصانعة أطباق تحمل لمستها الخاصة. وبين المطبخ وأوراق الكتابة، أضافت إسراء بعدًا ثالثًا لشخصيتها، فترجمت الكلمات وجعلتها أقرب للناس، لتصبح كاتبة ومترجمة بأسلوب مميز.

إسراء لم تولد طاهية، ولم تكن الكتابة هي شغفها الأول، بل كان الفن هو لغة التعبير الأولى لها. درست التربية الفنية في كلية التربية النوعية بجامعة الزقازيق، حيث تعلمت كيف تحول الخيال إلى واقع، وكيف تضيف الألوان والملمس إلى أي مساحة لتصبح أكثر دفئًا وحياة. لم تكتفِ بشهادتها الجامعية، بل طورت مهاراتها في مجال تصميم الديكور الداخلي وحصلت على دبلومة في Interior Designing، مما فتح أمامها أبوابًا للعمل في هذا المجال.

حتى عام 2016، كانت إسراء تمضي أيامها في رسم الخطط، اختيار الألوان، ومزج التفاصيل، لتخلق بيئات مريحة وجميلة تعكس شخصية أصحابها. لم يكن التصميم بالنسبة لها مجرد عمل، بل كان تجربة فنية متكاملة، تتطلب فهم الأبعاد النفسية والجمالية للمساحة. ثم امتد شغفها إلى مجال آخر، وهو تصميم المؤتمرات وتنظيم الحفلات والمناسبات الخاصة، حيث تعلمت كيف تجمع بين الفن والإدارة، لتجعل كل حدث تجربة لا تُنسى.

لكن الحياة مليئة بالمفاجآت، وأحيانًا يقودنا القدر إلى أماكن لم نكن نتخيل أننا سنحبها. وجدت إسراء نفسها تنجذب لعالم الطهي، حيث لم تكن الأطباق مجرد طعام، بل لوحات فنية يتم تشكيلها بنكهات وألوان مختلفة. بدأت بخطوات صغيرة، تعد وجبات منزلية لعائلتها وأصدقائها، ثم سرعان ما توسعت لتقديم أوبن بوفيه للفنادق وقاعات الأفراح، حيث أصبحت تطبق مهاراتها الإبداعية في تقديم الطعام بطريقة فاخرة ومميزة.

اليوم، أصبحت إسراء شيفًا محترفًا يُبدع في الأكلات البيتية، مقدمة تجربة تجمع بين الطعم الأصيل والمظهر الراقي، مما جعل اسمها معروفًا بين عشاق الطعام الذين يبحثون عن الجودة والطعم الأصيل في آنٍ واحد.

وسط كل هذه التغييرات، كان هناك شغف آخر ينمو بهدوء داخلها.. الكتابة. منذ صغرها، كانت مولعة بقراءة الروايات، وخاصة الأجنبية منها، لكنها دائمًا ما كانت تشعر أن هناك فجوة بين الأسلوب المستخدم والواقع الذي تعيشه. لهذا قررت أن تخوض تجربة فريدة، وهي تحويل الروايات الأجنبية إلى اللغة المصرية بأسلوب سلس وسهل، يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش الأحداث داخل بيئته الخاصة.

لم يكن الأمر مجرد محاولة، بل نجحت في نشر ثلاثة كتب في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، حيث لاقت أعمالها استحسانًا كبيرًا، لأنها استطاعت أن تنقل روح القصة الأصلية، ولكن بلمسة مصرية تجعلها أقرب للقراء.

ما يميز إسراء أنها لم تحصر نفسها في قالب واحد، بل سمحت لنفسها بالتطور، والتجربة، والخروج عن المألوف. استطاعت أن تجمع بين التصميم، الطهي، والكتابة، لتصنع لنفسها هوية خاصة، حيث لا يمكن تصنيفها ضمن مجال واحد، بل هي مبدعة متعددة المواهب، تسير خلف شغفها أينما ذهب.

في النهاية، قصة إسراء صقر ليست مجرد حكاية عن التنقل بين المهن، بل هي دليل على أن الإبداع لا حدود له، وأن الإنسان قادر على النجاح في أي مجال، طالما كان لديه الشغف والإصرار. وبين تصميم المساحات، إعداد الأطباق، وترجمة الحكايات، تستمر رحلتها، لتكتب فصولًا جديدة من النجاح والتميز.